فان هذا الغلام همام وأسد ضرغام وقضاء نازل لا يرد ولا يقاوم فلما سمع الملك ما قال موهوب جعل يعض على أنامله من شدة غيظه ثم خلع كبراء قومه وسادت عشيرته ووجوه أهل مملكته فلما اتوا إليه ووقفوا بين يديه قال لهم يا قوم ما تقولون في هذا الامر الذي وصل إلينا من هذا الغلام وان الملوك والسادات تقول في شان من اتخذ لنا فاجابه كبراء قومه ان نذهب إليه ونأخذ روحه بين جنبيه (قال الراوي) واما ما كان من الامام فالتفت إلى ورائه وكان كثير الالتفات فنظر إلى غبرة ثائرة وعجاجة متعلقة مرتفعة وخيول كثيرة وهي سائرة نحوه (قال الراوي) فلما رآهم الامام نادى معشر الناس قربوا من هؤلاء اللئام ودونكم والخيل يا بني الكرام فعطف الناس على الحصن فظلوا مسرعين والى الخيل مبادرين فاحتدت بهم العطفة والصياح من أعلا الحصن فظن اللئام ان الامام هارب بأصحابه فقال له مساور إلى أين تريد يا ابن أبي طالب وقد جاء لاستقبالك لما علم بقدومك فلم يرد عليه جوابا بل إنه تقدم إلى جواده واستوى عليه راكبا وكثر الطعن والضرب حتى دار المشركون حول الامام كالحلقة الدائرة فبينما هم كذلك وإذا بصائح يصيح بالامام فقصد نحوه فهو ناقد وقد كان ناقد قد قاتل في هذا اليوم قتالا شديدا فبينما ناقد في معمعة الحرب إذ عرفه عمه غمام رأس القوم فصاح يا ناقد فقال ويحك يا ناقد ابن أخيه وقال لآخذنك قبل ابن أبي طالب ثم حمل عليه وهاجمه وهم ان يقتلعه من بحر سرجه فما أمكنه فبادره بضربة وظن أنه قد قتل منها فتلقاها ناقد في الدرقة ولوحها قبل ان تصل إليه ولم يصبه منها شئ فلما رأى ذلك هجم عليه عمه غمام وهو لا يريد أحد غيره فداخله وأراد ان يقتلعه من سرجه وضرب الآخر يده على عمه وربطا بعضهما في سروجهما وتعاركا على جواديهما فبينما ناقد وعمه غمام على هذه الحالة إذ سمع صوته أمير المؤمنين فصاح ناقد لأجل ان يعرف الامام مكانه وكان عدو الله رابطه فقصد الامام نحوه وإذا هو ناقد متشابك مع عمه غمام فناداه يا ناقد ابشر فقد اتاك الفرج من عند الله ومن امرك فلما نظر عدو الله هجمة الامام عليه وسرعته إليه سبق ناقد وتأخر إلى ورائه وصرح بقدمه فمالت إليه الكتائب وخرج إليه مساور من الحصن بقومه
(٩٧)