الامام من ذلك ارسل إلى جميع الحصون واحضر أمراءهم بين يديه وأقام عليهم ناقد سلطانا كما كان أبوه أولا وأقام بينهم شرائع الايمان والاسلام وامر ببناء المساجد وتلاوة آيات الله واكرام الفقراء والمساكين والأيتام وامر على حصن الحصون عمه غمام كعادته في حياة الهضام وأقام أيام قلائل وأراد ان يتوجه إلى مدينة يثرب لمشاهدة بن عمه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم فاقبل عليه ناقد ابن الملك وقال يا أمير المؤمنين لي حاجة فقال له الامام اسال عما بذلك تعط كل ما تريد إن شاء الله تعالى فقال يا سيدي أريد ان أتزوج الرغداء بنت الخطاف فقال السمع والطاعة وأرسل إلى الرغداء واعلمها بذلك فقالت له السمع والطاعة فصنع لهم الامام رضي الله عنه وليمة عظيمة ولها بين العرب وزوجه أمير المؤمنين بالرغداء في تلك الليلة وعطاها جميع ما تحتاجه النساء وأقام معها في عيشة هنيئة ثم إن الامام رضي الله عنه وضع لهم الوليمة وأرخيت عليهم سرادقات الخلوة وتجهز إلى السير نحو مدينة يثرب فقام معه ناقد وكبراء قومه ورؤساء حصونه ومن معه من أصحاب المسلمين وصار يودعون أمير المؤمنين فكان كلما اتى إلى حصن من الحصون يقيم يوم أو يومين وهو يعلمهم في شرائع دينهم حتى خرج من الحصون وناقد معه وقومه يتبعونه ويودعونه فأمرهم الامام بالرجوع فسار وجد في السير وكان كلما اتى إلى حصن يقسم غنائمه خمسة خماس ويعطي الأمير الذي فيه هو وقومه خمسا ويجعل الأربعة أخماس إلى بيت مال المسلمين وسار علم الأنوار الذي غنمه منصوب على رأسه إلى أن اتى المدينة المنورة فلما قرب من المدينة هبط جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم سيد الأنام ومصباح الظلام ورسول الله الملك العلام وبشر بقدوم الفارس الهمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه وبشره بما فتح على يده قتل عدو الله الهضام فامر رسول الله المهاجرين والا نصار إلى البراز لملاقاة علي الكرار ففرحوا بذلك فرحا شديدا وركبوا خيولهم وركب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تقابل معه وضمه إلى صدره فضمه المسلمون والجيوش وفرحوا فرحا شديدا واخذ النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم والعلم الأنوار الذي جاء به الامام وفرقها على أهل المدينة ولم يرك أحد من المسلمين الا وأعطاه نصيبه وكانت مدة غيبة الامام ورجوعه أربعين يوما وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (انتهى)
(١١٢)