ودخل تحت الطاعة والأمانة الا انه ذكر لي ان له معك خطابا وعتابا وامر ان يظهر عندك هناك في مشهد من قومك فلما سمع الملك الهضام من مسطاح ذلك الكلام فرح فرحا شديدا وظن أن ذلك حق وغرق في بحر التحير وامر الناس بالنزول فنزلوا وتفرقوا في تلك الليلة على القوم ما عمهم ودفع منها لمسطاح مائة ينحرها لأهل الحصن وقال يا مسطاح خذ هؤلاء النياق وانحرها لقومك ليكونوا معنا في السرور فقام مسطاح وقاد المطايا بين يديه إلى أن وصل إلى الحصن فجمع قومه وقام فيهم كالخطيب وشوقهم إلى الجنة وحذرهم من النار ورغبهم في عبادة الملك الجبار ودعاهم إلى الاسلام وشوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا سيدنا ما الذي تريد منا ان نفعله فقال لهم ان تقروا لله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة فقالوا بأجمعهم نحن نشهد ان لا الله الا الله وأن محمدا رسول الله فعند ذلك خر مسطاح ساجدا شاكرا لله تعالى ثم قال لهم انحروا الآن الجزور على اسم الله تعالى فقد جمعت فرحتان ونحن مسرورون بأخذ الأمان من ابن أبي طالب فابشروا يا قوم فاني نجيتكم في الدنيا من العار فهذا ما كان من خبر الامام فإنه حين رجع مسطاح من عنده نزل وامر الناس بالنزول ثم جمع أصحابه وقال هذه الليلة آخر الليالي مع الكفرة اللئام فاستبشروا بقوله فلما اتى الليل وأسدل الظلام وأضرمت المشركون النيران وتحارست الفئتان فلم ير الناس في تلك الليلة أكثر حرسا على القوم من الامام حذار من حيلة أو كسبة في ظلام الليل فكان يحوم بنفسه على أصحابه إذ لاح له فارس يركض جواده ركضا خفيفا فامتشق الامام سيفه بيديه وما زال سائرا إلى أن وصل إلى الفارس وهم ان يضربه فصاح به فإذا هو مسطاح فقال له اهلا وسهلا ومرحبا يا مسطاح ما الذي اتاك في هذا الوقت قال يا سيدي فرج عاجل وسرور شامل فيما أنت إليه متطاول فقال الامام أتبشرني باسلام قومك فقال يا سيدي قومي أسلموا وأبشرك بالوصول إلى عدوك وعدوي الهضام وان قومي قد أسلموا أربعة آلاف فارس والملك الهضام قد وصل إلي في عسكر قليل من قومه وهو الان داخل الحصن واعلم يا مولاي ان القوم متحيرون فلما سمع الامام ذلك الكلام من مسطاح تقلد بسيفه وتمنطق بجحفته وركب جواده
(١٠٦)