سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٦٢
أعلى الحصن ونظر من يكون من خارج فإذا هو الخطاف وهو يقول افتحوا يا ويلكم قبل ان يدنو من صاحبكم لذهاب فقالوا من أنت قال انا الخطاف (قال الراوي) فاقبل القوم على الامام وأخبروه بقدوم صاحبهم فقال افتحوا له الباب وأدخلوه ولا تمدوا إليه يدا بسوء ولا تكشفوا له عن مكاني ولا تخبروه بشأني فبادروا إليه مسرعين وفتحوا له الباب فوجده على آخر رمق من تعسعسه في الظلام بين الدكادك والآجام فلما نظروه قالوا ما الذي دهاك أيها السيد وما نزل بك فلم يجبهم ولم يرد عليهم جوابا ولم يبد لهم خطابا دون ان دخل مسرعا وقال يا ويلكم اغلقوا الباب وأوثقوه بالسلاسل والأقفال فقالوا أيها السيد وأين تركت ابن أبي طالب قال تركته وقد شغله عني وعنكم جند المنيع فازدادوا عجبا ثم قال يا قوم لا تستكثروا على مهلا حتى ادخل ويرد علي عقلي فدخل الحصن فانتظر القوم ما يكون منه مع الامام ثم التفت بعض القوم إلى الرغداء بنت الخطاف وقالوا لها يا رغداء ان أباك يكاد يبدو منه شر إلى علي بن أبي طالب فيكون وباله عليك واعلمي يا رغداء ان هذا الرجل لا يطلق من المزاق ولقد سمعت ما صنع بأبيك منا فقالت الرغداء وما عسى ان اصنع في هذا الاله المنيع وجنده عجزوا عنه وعجز عنه الابطال من الرجال والنساء عجزوا عجزا (قال الراوي) ثم تركتهم وتقدمت إلى قرب الامام وهي قابضة على خنجره وأسبلت عليه ثيابها وأضمرت انها تحول بين الامام وبين أبيها وان لا تدع الامام ان يصل إلى أبيها وهي واقفة ترتعد من شدة الغيظ فبينما هي كذلك إذ اقبل أبوها والقوم في اثره حتى اتوا به المكان الذي فيه الامام والمصابيح تزهو حوله وهو يحدثهم بحديث الامام وغرائبه إذ نظر فرأى الامام جاثما كجثوم الأسد الضرغام فحقق الخطاف نظره فرأى الامام فعرفه فجعل كلما ينظر إليه يراه ويمسح عينيه ويعيد النظر إليه فتحققه فلما عرفه توقف عن المسير ووقعت الدهشة به وعاد كالسعفة ثم التفت إلى القوم وقال من هذا الرجل الذي هو جالس فقالوا له أيها السيد من معارفك وهو مشتاق إلى لقائك فعند
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»