مجردا بلا عائق وهذا الذي أراه ورائك أعلى وأوفق فقال له أرشدك الله يا ناقد ووفقك إلى الخير ثم قال للقوم ارجعوا بنا على بركة الله وعونه وحسن توفيقه فرجع القوم إلى حصن الصخر وادلجوا رحالهم وثقالهم وجميع ما معهم ونادى علي يا معشر الناس من علم من نفسه تقصيرا وخاف من جواده أو كان له عذر يمنعه من القتال فليجلس في هذا الحصن فمن يحل فيه ما عليه ملام فلقد اتانا فوارس وابطال فنتلقاهم ببوادر النزال ثم إن علي طاف على القوم يتفقدهم رجلا رجلا فكان لا يمر بشيخ ولا طفل ولا أحد ممن لم يقدر على القتال الا أدخله الحصن فما زال كذلك إلى أن مر بالقداح بن وائلة وقد اشتد وتحزم واخذ في الصلاح فلما نظر علي تبسم ضاحكا وقال له يا قداح عليك بالحصن ولا تزال عنه فقال القداح لعلي رضي الله تعالى عنه والله يا سيدي ما نديت بالاسلام دينا فلا تقعدني مع النساء وانا معروف بمبارزة الشجعان ومبارزة الفرسان فقال علي يا قداح هل لك ان تمحو ما قدمت وما نزل من بلائك وأسلفت فقال نعم يا سيدي انا بين يديك امرني بما شئت فجزاه علي خيرا ثم قال يا قداح انه ليس فينا أحد أقرب عهدا منك بالقوم وانهم قد أرسلوك رسولا لله حصن وتعود إليهم برد الجواب فهل لك ان تسير إليهم وتحدثهم بكلامك فينا وتذكر لهم انك لم تر لنا خبرا ولا اثر أو تبلغهم انك سمعت اننا ما وصلنا إلى صاحبهم فاقتله وان بعد عليك ذلك فاهد يسير القوم إلينا وهذا المكان يجمعنا فإذا نزل القوم واطمأنوا فها نحن جميعا نفتح الباب في أقرب وقت ونخرج إليهم وهم على غير إهبة ويفعل الله ما يشاء ويختار فلما سمع ذلك القداح أطرق برأسه إلى الأرض ساعة ولم يرد جوبا ولم يبد خطابا فقال يا أمير المؤمنين ما أراك الا تقدمني في المهالك انا ما أصلح الا للحرب والنزال والمبارزة والقتال ولست أصلح للمراسلة ولا المكاتبة فان أردت ان تعفو عني من هذا الحال وترسل إلى هذا الامر غيري
(٧٣)