وهم تحت الذلة فبينما هم كذلك تقدم الامام رضي الله تعالى عنه إلى قريب من الباب والمنهزمون ينادوا لجندب بن عميرة الباهلي ويقولون افتح لنا الباب فلما فتح تقدم الامام واختلط بالقوم وصار من جملتهم ودخل القوم يكرشون بعضهم بعضا وهو لا يصدقون بنجاة أنفسهم فدخل وجلس وهو قابض على سيفه فلما تكامل القوم في الحصن اغلقوا بابه ووقفوا في أزقة فاقبل عليهم الذين في الحصن وقالوا يا ويلكم ما الذي نزل بكم فاخبروهم بالذي جرى لهم مع الامام فلما سمع القوم ذلك ذهبت أفراحهم وقال بعضهم لبعض ان انسانا وحده يغلب المنيع وجيشه فقال جندب بن عميره يا ويلكم اما سمعتموني وانا انصح صاحبنا مروع الوحوش فاني النصح فيا قوم وحق المنيع ان كانت يد ابن أبي طالب علقت بصاحبنا الخطاف فهو مخلص روحه من جسده فقال جندب يا قوم إذا اتاكم إلى الحصن فاسألوه أنتم في الحصن الأمان فإنه يأمنكم لا يخونكم وهو كريم (قال الراوي) فوثب الامام قائما في وسطهم وزعق بهم وقال ها انا قد جئتكم ووصلت إليكم ها انا ممزق الكتائب ها انا ليث بني غالب ها انا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فلما سمع القوم ذلك من الامام انقطعوا عن الكلام فقال له جندب الحميري يا ابن أبي طالب أنت من السماء نزلت أم من الأرض خرجت أم من الباب دخلت فقال لهم من الباب دخلت فلا يخلو امركم من كلمتين اما ان تقولوا نشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله واما ان تقولوا لا وتموتون جميعا (قال الراوي) فلما سمع القوم مقالته نظر بعضهم إلى بعض فقال جندب يا ابن أبي طالب اني قد أشرت بذلك على قومي فأبوا اما انا اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله آمنت بالله وبرسوله ثم التفت إلى قومه وقال يا قوم ما يقعدكم عن رشدكم فنادى القوم عن لسان واحد قائلين لا الله الا الله محمدا رسول لله فلما سمع الامام رضي الله تعالى عنه منهم شكرهم وجازاهم خيرا وفرح باسلامهم فرحا شديدا ثم قال لهم يا قوم لا يتم اسلامكم ولا يكمل ايمانكم حتى تقاتلوا آباءكم واخوانكم وعشيرتكم فان قتالهم فرضا عليكم فقالوا بأجمعهم يا ابن عم رسول الله انا نقاتل معك وبين يديك حتى نرضاك ونرضي الله ورسوله
(٦٠)