سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٥٨
فما أظن عدتم تنظرون قومكم بعد هذا اليوم ابدا فهذا ما كان من عدو الله الخطاف وقومه واما ما كان من امر الامام رضي الله عنه فإنه لما احتاطت به النار من كل جانب ومكان نادى برفيع صوته يا معشر الجان باي شئ تتعرضون وعلى توهجون وانا عذابكم النازل وسهمكم مقاتل انا أبو الزلازل انا ابن عم الرسول الفاضل انا البحر الساكب انا المذكور عند المطالع والمواهب انا ليث بني غالب انا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (قال الراوي) فاحترقت تلك النيران وأهلك أشخاصهم وقتل مردتهم فولوا ناكسين ووصلوا إلى الرسم الذي رسمه أمير المؤمنين فلما وصلوا إليه تراجعوا عن أصحاب الإمام ولم يستطيعوا إليه وصولا وصار الرسم حصنا بين الجان وبين أصحاب الإمام ولم يصبروا على ما طرقهم فخرج منهم ناس هاربين والى الامام طالبين فما زالوا عن الرسم حتى كادوا ان يهلكوا ويحترقوا وكانوا سبعة أنفار ومنهم جنبل ابن ركيع وناقد بن الملك من اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دارت بهم النار وقبايل الجان نادوا برفيع أصواتهم يا سيداه يا علياه يا محمداه يا رباه فلما سمع الامام أصواتهم أسرع الامام إليهم وهجم عليهم فتسافر الجن عنهم يمينا وشمالا عند وصول الامام فخلص الامام قومه وقال لهم ما حملكم على ذلك ولم خالفتم أمري فقال جنبل يا سيدي ضعف اليقين وصولة الجان فما هذا وقت ملام وكن مخلصا لنا ولنفسك من هذه الأهوال فتبسم ضاحكا من قوله وهو غير مكترث (قال الراوي) فبينما الامام كذلك إذ سمع صوت مروع الوحوش وهم ينادون إلى أين يا ابن أبي طالب من عذاب المنيع الواصب لقد غرك الذي أرسلك إلى المنيع انا مروع الوحوش الخطاف ثم تقدم إلى الامام وهو يظن أنه ظافر به فقال على دونك فافعل بي ما أردت فظن عدو الله ان أمير المؤمنين قد أسلم نفسه فقصد نحو الامام وهو يقول إذ خلد القوم بذل أسرهم * هذا علي قد اتى بشره وقومنا قد فزعوا من سحره * لأذيقه عذاب اسره (قال الراوي) فلما سمع قوم الامام قول الخطاف زاد اضطرابهم وكثر قلقهم
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»