رضي الله عنهم في ماله وفي أهله، وفي عرضه وفي نفسه أن يقابله بالرضى والتسليم والصبر، ولا يلحق بهم المذمة أصلا، وإن توجهت عليهم الأحكام الشرعية من إقامة الحدود المشروعة (1)، فذلك لا يقدح في هذا، وإنما نمتنع من إلحاق الذم بهم وسبهم إذ قد ميزهم الله تعالى عنا بما ليس لنا معهم فيه قدم، وأما أداء الحقوق المشروعة فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقترض من اليهود، وإذا طالبوه بحقوقهم أداها على أحسن ما يمكن وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) (2)، فذلك حق الله تعالى، ومع هذا لم يذمهم الله تعالى، وإنما كلامنا في حقوقكم، وفيما لكم أن تطالبوهم به فلكم ذلك، وليس لكم ذمهم ولا الكلام في أعراضهم [153 / ا]، ولا سبهم، وإن نزلتم عن طلب حقوقكم، وعفوتم عنهم فيما أصابوه منكم، كان لكم بذلك عند الله [اليد العظمى والمكانة] (3) الزلفى، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما سأل منكم إلا المودة في القربى، ومن لم يقبل سؤال نبيه فيما هو قادر عليه فبأي وجه يلقاه غدا أو يرجو شفاعته، وهو ما أسعف نبيه فيما سأله من المودة في قرابته.
ثم إنه جاء بلفظ المودة وهي الثبوت على المحبة، فإن من ثبت على محبته استصحب المودة في كل حال، وإذا استصحب المودة في كل حال لم يؤاخذ أهل