الجائر، لا جرم أن الله أخذه ولم يمهله فكانت دولته ستة أشهر.
وما زالت أمور الإسلام تتلاشى والدولة تضعف، إلى أن انتقل الملك والدولة في آخر أيام المتقي إبراهيم بن جعفر المقتدر، وأول أيام خلافة المستكفي (1) عبد الله بن المكتفي من بني العباس إلى بني بويه الديلمي (2).
فلم يبق بيد بني العباس من الخلافة إلا اسمها فقط، من غير تصرف في ملك بحيث صار الخليفة منهم في مدة الدولة البويهية، ثم في الدولة السلجوقية إنما هو كأنه رئيس الإسلام، لا إنه ملك ولا حاكم، تتحكم فيه الديلم ثم السلجوقية كتحكم المالك في مملوكه كما هو معروف في كتب التاريخ.
وما زالت ضعفة بني العباس مع الديلم ومع الأتراك منذ استولى معز الدولة أحمد بن بويه ببغداد في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة تحت الحكم إلى أن قتلوا عن آخرهم وسبي حريمهم وهدمت قصورهم وهلكت رعاياهم على يد عدو الله هولاكو (3).
وكانوا هم السبب في ذلك كما قد ذكر في سيرة الناصر أحمد بن المستضئ (4).
وقد ثبت في الصحيح في حديث معاوية أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا أكبه الله على وجهه، ما أقاموا الدين (5).