استخلف وصله بألف دينار، ثم إنه اتصل بمحمد وإبراهيم ابني عبد الله بن حسن حتى قتلا، فاختفى حتى آمنه عبد الصمد بن علي والي المدينة، فلما قدمها أبو جعفر جد في طلبه حتى ظفر به، فجعله في جوالق وضرب حتى كسر، ثم رمي في بئر وبه رمق حتى مات.
فهذا وأمثاله من سيرته خلاف سنن الهدى.
وكان الفضل بن الربيع يمنع عائد الخليفة أن يسأل عن شئ يقتضي جوابا ويقول اجعلوا عيادتكم دعاء فإذا أردت أن تقول: كيف أصبح الأمير، فقل:
صبح الله الأمير بالكرامة، وإن أردت السؤال عن حاله، فقل: أنزل الله على الأمير الشفاء والرحمة، فإن المسألة توجب الجواب، وإن لم يجبك اشتد عليك، وإن أجابك اشتد عليه، وكانت الخلفاء إذا عطست شمتت، فعطس هارون الرشيد فشمته رجل.
فقال له الفضل: لا تعد أتكلف أمير المؤمنين ردا وجوابا، فجروا على ذلك فيما بعد.
وهذا المأمون (1) عبد الله بن هارون الرشيد قد أثر في الإسلام أقبح أثر وهو أنه عرب كتب الفلسفة حتى كاد بها أهل الزيغ والإلحاد الإسلام وأهله، وحمل مع ذلك الناس كافة على القول بخلق القرآن (2) وامتحنهم فيه أشد محنة، وأكثر من شراء الأتراك وتغالى في أثمانهم حتى كان يشتري المملوك منهم بمائتي ألف درهم.