قالوا: وأمر الله موسى عليه السلام أن يضرب البحر بعصاه، وأن يقسمه ليدخل بنو إسرائيل في البحر واليبس. وصار الماء من هاهنا وهاهنا كالجبلين، وصار وسطه يبسا، لان الله سلط عليه ريح الجنوب والسموم. فجاز بنو إسرائيل البحر وأتبعهم فرعون وجنوده، فلما توسطوه أمر الله موسى فضرب البحر بعصاه، فرجع الماء كما كان عليهم لكن عند أهل الكتاب: أن هذا كان في الليل، وأن البحر ارتطم عليهم عند الصبح. وهذا من غلطهم وعدم فهمهم في تعريبهم، والله أعلم.
قالوا: ولما أغرق الله فرعون وجنوده حينئذ سبح موسى وبنو إسرائيل بهذا التسبيح للرب، وقالوا: " نسبح الرب [البهي (1)]، الذي قهر الجنود، ونبذ فرسانها في البحر المنيع المحمود " وهو تسبيح طويل.
قالوا وأخذت مريم النبية - أخت هارون - دفا بيدها، وخرج النساء في أثرها كلهن بدفوف وطبول. وجعلت مريم ترتل لهن وتقول:
سبحان الرب القهار، الذي قهر الخيول وركبانها إلقاء في البحر.
هكذا رأيته في كتابهم. ولعل هذا [هو من (1)] الذي حمل محمد ابن كعب القرظي على زعمه: أن مريم بنت عمران أم عيسى، هي أخت هارون وموسى، مع قوله: " يا أخت هارون ".
وقد بينا غلطه في ذلك، وأن هذا لا يمكن أن يقال، ولم يتابعه أحد عليه، بل كل واحد (2) خالفه فيه. ولو قدر أن هذا محفوظ،