امتن به عليهم من إنجائهم من قبضة فرعون الجبار العنيد، وإهلاكه إياه وهم ينظرون، وتوريثه إياهم ما كان فرعون وملؤه يجمعونه من الأموال والسعادة، وما كانوا يعرشون، وبين لهم أنه لا تصلح العبادة إلا لله وحده لا شريك له، لأنه الخالق الرازق القهار، وليس كل بني إسرائيل سأل هذا السؤال، بل [هذا (1)] الضمير عائد على الجنس في قوله: " وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة " أي قال بعضهم كما في قوله: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا * وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا (2) " فالذين زعموا هذا بعض الناس لاكلهم.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان الديلي عن أبي واقد الليثي، قال:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين، فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط.
وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الله أكبر! هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى:
اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، إنكم تركبون سنن الذين [من (3)] قبلكم " ورواه النسائي عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق به. ورواه الترمذي عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري به، ثم قال: حسن صحيح.