وإذا تحاكموا إليه في شئ ليس عنده من الله فيه شئ يجئ إلى قبة الزمان، ويقف عند التابوت ويصمد لما بين ذينك الكروبيين، فيأتيه الخطاب بما فيه فصل تلك الحكومة.
وقد كان هذا مشروعا لهم في زمانهم، أعني استعمال الذهب والحرير المصبغ واللآلئ، في معبدهم وعند مصلاهم، فأما في شريعتنا فلا، بل قد نهينا عن زخرفة المساجد وتزيينها، لئلا تشغل المصلين، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما وسع في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، للذي وكله على عمارته: ابن للناس ما يكنهم، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس. وقال ابن عباس: لا نزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى كنائسهم.
وهذا من باب التشريف والتكريم والتنزيه، فهذه الأمة غير مشابهة من كان قبلهم من الأمم، إذ جمع الله هممهم (1) في صلاتهم على التوجه إليه والاقبال عليه، وصان أبصارهم وخواطرهم عن الاشتغال والتفكر في غير ما هم بصدده (2)، من العبادة العظيمة. فلله الحمد والمنة.
وقد كانت قبة الزمان هذه مع بني إسرائيل في التيه، يصلون إليها وهي قبلتهم وكعبتهم، وإمامهم كليم الله موسى عليه السلام، ومقدم القربان أخوه هارون عليه السلام.
فلما مات هارون ثم موسى عليهما السلام استمر بنو هارون في الذي كان يليه أبوهم، من أمر القربان وهو فيهم إلى الآن.