إن كنتم إثما تخافون ما رأيتم من أجسامهم وعددهم فإنهم لا قلوب لهم ولا منعة عندهم، فأدخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون. ويقول أناس: إنهم من قوم موسى.
فقال الذين يخافون من بني إسرائيل: " قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون " فأغضبوا موسى، فدعا عليهم وسماهم فاسقين. ولم يدع عليهم قبل ذلك لما رأى منهم من المعصية وإساءتهم، حتى كان يومئذ فاستجاب الله له، وسماهم كما سماهم موسى فاسقين، فحرمها (1) عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض، يصبحون كل يوم فيسيرون ليس لهم قرار ثم ظلل عليهم الغمام في التيه، وأنزل عليهم المن والسلوى، وجعل لهم ثيابا لا تبلى ولا تتسخ؟؟
وجعل بين ظهرانيهم حجرا مربعا. وأمر موسى فضربه بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، في كل ناحية ثلاثة أعين، وأعلم كل سبط عينهم التي يشربون منها، فلا يرتحلون من محلة إلا وجدوا ذلك الحجر بينهم بالمكان الذي كان فيه [بالمنزل الأول (2)] بالأمس.
* * * رفع ابن عباس هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وصدق ذلك عندي أن معاوية سمع ابن عباس يحدث هذا الحديث فأنكر عليه أن يكون الفرعوني الذي أفشى على موسى أمر القتيل الذي قتل. فقال:
كيف يفشى عليه ولم يكن علم به ولا ظهر عليه إلا الإسرائيلي الذي حضر