خالقهم وبارئهم إليك، " ولا تبغ الفساد في الأرض " أي ولا تسئ إليهم ولا تفسد فيهم، فتقابلهم ضد ما أمرت فيهم فيعاقبك ويسلبك ما وهبك، " إن الله لا يحب المفسدين ".
فما كان جواب قومه لهذه النصيحة الصحيحة الفصيحة إلا أن " قال إنما أوتيته على علم عندي " يعني أنا لا أحتاج إلى استماع (1) ما ذكرتم، ولا [إلى (2)] ما إليه أشرتم، فإن الله إنما أعطاني هذا لعلمه أنى أستحقه، وأنى أهل له، ولولا أني حبيب إليه وحظي عنده لما أعطاني ما أعطاني.
قال الله تعالى ردا عليه فيما (3) ذهب إليه: " أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا؟ ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون " أي قد أهلكنا من الأمم الماضين بذنوبهم وخطاياهم من هو أشد من قارون قوة وأكثر أموالا وأولادا، فلو كان ما قال صحيحا لم نعاقب أحدا ممن كان أكثر مالا منه، ولم يكن ماله دليلا على محبتنا له واعتنائنا به، كما قال تعالى: " وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا (4) "، وقال تعالى:
" أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون (1) " وهذا الرد عليه يدل على صحة ما ذهبنا إليه من معنى قوله: " إنما أوتيته على علم عندي ".
وأما من زعم أن المراد من ذلك أنه كان يعرف صنعة الكيمياء،