حين أعياهم الظئرات: أنا " أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " فأخذوها فقالوا: ما يدريك ما نصحهم له؟ هل تعرفينه؟ حتى شكوا في ذلك، وذلك من الفتون يابن جبير! فقالت: نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في صهر الملك ورجاء منفعة الملك. فأرسلوها فانطلقت إلى أمها فأخبرتها الخبر، فجاءت أمه، فلما وضعته في حجرها نزا (1) إلى ثديها فمصه حتى امتلا جنباه ريا، وانطلق البشير إلى امرأة فرعون يبشرها أن قد وجدنا لابنك ظئرا، فأرسلت إليها فأتت بها وبه.
فلما رأت ما يصنع بها قالت: امكثي ترضعي ابني هذا، فإني لم أحب شيئا حبه قط، قالت أم موسى: لا أستطيع أن أترك بيتي وولدي فيضيع، فإن طابت نفسك أن تعطينيه، فأذهب به إلى بيتي، فيكون معي لا آلوه خيرا، فعلت، فإني غير تاركة بيتي وولدي وذكرت أم موسى ما كان الله وعدها، فتعاسرت على امرأة فرعون، وأيقنت أن الله منجز موعوده، فرجعت إلى بيتها من يومها، وأنبته الله نباتا حسنا، وحفظه لما قد قضى فيه.
فلم يزل بنو إسرائيل وهم في ناحية القرية، ممتنعين من السخرة والظلم ما كان فيهم.
* * * فلما ترعرع قالت امرأة فرعون لام موسى: أزيريني ابني (2)، فوعدتها يوما تزيرها (3) إياه فيه، وقالت امرأة فرعون لخزانها وظئورها وقهارمتها:
لا يبقين أحد منكم إلا استقبل ابني اليوم بهدية وكرامة. لارى ذلك فيه.