أما علمت أن ثمانية كانت على نبي الله واجبة، لم يكن نبي الله لينقص منها شيئا؟ وتعلم أن الله كان قاضيا عن موسى عدته التي وعده، فإنه قضى عشر سنين. فلقيت النصراني فأخبرته ذلك، فقال: الذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك، قلت: أجل وأولى.
فلما سار موسى بأهله كان من أمر النار والعصا ويده، ما قص الله عليك في القرآن.
فشكا إلى الله تعالى ما يتخوف من آل فرعون في القتيل (1) وعقدة لسانه، فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون، يكون له ردءا، يتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه. فآتاه الله عز وجل [سؤله (3)]، وحل عقدة من لسانه، وأوحى الله إلى هارون فأمره أن يلقاه.
فاندفع موسى بعصاه حتى لقى هارون، فانطلقا جميعا إلى فرعون، فأقاما على بابه حينا لا يؤذن لهما. ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا:
" إنا رسولا ربك " قال: " فمن ربكما؟ " فأخبراه بالذي قص الله عليك في القرآن. قال: فما تريدان؟ وذكره القتيل فاعتذر بما قد سمعت، قال أريد أن تؤمن بالله وترسل معي بني إسرائيل، فأبى عليه وقال: " ائت بآية إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي " حية عظيمة فاغرة فاها مسرعة إلى فرعون، فلما رآها فرعون قاصدة إليه خافها فاقتحم (4) عن سريره واستغاث بموسى أن يكفها عنه ففعل