يذبحون قالوا: توشكون أن تفنوا بني إسرائيل فتصيروا إلى أن تباشروا من الأعمال والخدمة التي كانوا يكفونكم، فاقتلوا عاما كل مولود ذكر واتركوا بناتهم (1)، ودعوا عاما فلا تقتلوا (2) منهم أحدا، فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار، فإنهم لن يكثروا بمن تستحيون منهم، فتخافوا مكاثرتهم إياكم، ولن يفنوا بمن تقتلون وتحتاجون إليهم.
فأجمعوا أمرهم على ذلك، فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يقتل فيه الغلمان، فولدته علانية آمنة.
فلما كان من قابل حملت بموسى عليه السلام، فوقع في قلبها الهم والحزن، وذلك من الفتون، يابن جبير! ما دخل عليه في بطن أمه مما يراد به.
فأوحى الله إليها: أن " لا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ". فأمرها إذا ولدت (3) أن تجعله في تابوت وتلقيه في اليم.
فلما ولدت فعلت ذلك، فلما توارى عنها ابنها أتاها الشيطان، فقالت في نفسها: ما فعلت بابني؟ لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلى من أن ألقيه إلى دواب البحر وحيتانه؟
فانتهى الماء به حتى أوفى عند فرضة (4) تستقى منها جواري امرأة فرعون، فلما رأينه أخذنه، فهممن أن يفتحن التابوت، فقال بعضهن:
إن في هذا مالا، وإنا إن فتحناه لم تصدقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه، فحملنه كهيئته لم يخرجن منه شيئا حتى دفعنه إليها. فلما فتحنه رأت فيه