واستنكر أبوهما سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطانا (1) فقال إن لكما اليوم لشأنا، فأخبرتاه بما صنع موسى، فأمر إحداهما أن تدعوه، فأتت موسى فدعته. فلما كلمه " قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين " ليس لفرعون ولا لقومه علينا من سلطان ولسنا في مملكته (2)، فقالت إحداهما: " يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين " فاحتملته الغيرة على أن قال لها: ما يدريك ما قوته وما أمانته؟ فقالت:
أما قوته فما رأيت منه في الدلو حين سقى لنا لم أر رجلا قط أقوى في ذلك السقى منه، وأما الأمانة فإنه نظر إلي حين أقبلت إليه وشخصت له، فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه حتى بلغته رسالتك. ثم قال لي: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، فلم يفعل هذا إلا وهو أمين.
فسرى عن أبيها وصدقها، وظن به الذي قالت.
فقال له: هل لك " أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج، فإن أتممت عشرا فمن عندك، وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين " ففعل فكانت على نبي الله موسى ثمان سنين واجبة، وكانت السنتان عدة منه، فقضى الله عنه عدته فأتمها عشرا.
قال سعيد - وهو ابن جبير - لقيني رجل من أهل النصرانية من علمائهم، فقال: هل تدري أي الأجلين قضى موسى؟ قلت لا، وأنا [يومئذ] (3) لا أدري. فلقيت ابن عباس فذكرت ذلك له، فقال: