ومن قال إن هذا قاله قبل أن يعلم أنه أفضل، ثم نسخ باطلاعه على أفضليته عليهم كلهم، ففي قوله نظر، لان هذا من رواية أبي سعيد وأبي هريرة، وما هاجر أبو هريرة إلا عام حنين متأخرا، فيبعد أنه لم يعلم بهذا إلا بعد هذا. والله أعلم.
ولا شك أنه، صلوات الله وسلامه عليه، أفضل البشر بل الخليقة، قال الله تعالى: " كنتم خير أمة أخرجت للناس " وما كملوا إلا بشرف نبيهم.
وثبت بالتواتر عنه، صلوات الله وسلامه عليه، أنه قال: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ". ثم ذكر اختصاصه بالمقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، الذي تحيد عنه الأنبياء والمرسلون، حتى أولو العزم الأكملون: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " فأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش - أي آخذا بها - فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " دليل على أن هذا الصعق الذي يحصل للخلائق في عرصات القيامة، حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين عباده، فيصعقون من شدة الهيبة والعظمة والجلاء، فيكون أولهم إفاقة محمد خاتم الأنبياء، ومصطفى رب الأرض والسماء على سائر الأنبياء، فيجد موسى باطشا بقائمة العرش. قال الصادق المصدوق: " أفلا أدري أصعق فأفاق قبلي؟ " أي وكانت (1) صعقته خفيفة، لأنه قد ناله بهذا السبب في الدنيا صعق، " أو جوزي بصعقة الطور؟ " يعني فلم يصعق بالكلية.