وهذا فيه شرف كبير لموسى عليه السلام من هذه الحيثية، ولا يلزم تفضيله بها مطلقا من كل وجه. ولهذا نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على شرفه وفضيلته بهذه الصفة، لان المسلم لما ضرب وجه اليهودي حين قال: لا والذي اصطفى موسى على البشر، قد يحصل في نفوس المشاهدين لذلك هضم بجناب موسى عليه السلام، فبين النبي صلى الله عليه وسلم فضيلته (1) وشرفه.
وقوله تعالى: " قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي " أي في ذلك الزمان، لاما (2) قبله، لان إبراهيم الخليل أفضل منه، كما تقدم بيان ذلك في قصة إبراهيم، ولا ما بعده لان محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل منهما، كما ظهر شرفه ليلة الاسراء على جميع المرسلين والأنبياء، وكما ثبت أنه قال: " سأقوم مقاما يرغب إلي الخلق حتى إبراهيم ".
وقوله تعالى: " فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين " أي فخذ ما أعطيتك من الرسالة والكلام، ولا تسأل زيادة عليه، وكن من الشاكرين على ذلك.
وقال الله تعالى: " وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ " وكانت الألواح من جوهر نفيس، ففي الصحيح: أن الله كتب له التوراة بيده، وفيها مواعظ عن الآثام، وتفصيل لكل ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام.
" فخذها بقوة " أي بعزم ونية صادقة قوية " وأمر قومك يأخذوا