سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله، بخلقه الأشباه علم أن لا شبيه له وبمضادته بين الأشياء علم أن لا ضد له، وبمقاربته بين الأمور علم أن لا قرين له.
ضاد النور بالظلمة، والصر بالحرور، مؤلف بين متباعداتها، ومفرق بين متدانياتها، بتفريقها دل على مفرقها، وبتأليفها دل على مؤلفها، قال الله تعالى:
﴿ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون﴾ (1).
له معنى الربوبية إذ لا مربوب، وحقيقة الإلهية إذ لا مألوه، ومعنى العالم إذ لا معلوم، وليس منذ خلق استحق معنى الخالق، ولا من حيث أحدث استفاد معنى المحدث، لا تغيبه (منذ) ولا تدنيه (قد) ولا تحجبه (لعل) ولا توقته (متى) ولا تشمله (حين) ولا تقارنه (مع) كل ما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه، وكل ما أمكن فيه ممتنع من صانعه.
لا تجري عليه الحركة والسكون، وكيف يجري عليه ما هو أجراه؟ أو يعود فيه ما هو ابتدأه إذا لتفاوتت ذاته، ولامتنع من الأزل معناه، ولا كان للبارئ معنى غير المبروء. لو حد له وراء لحد له أمام، ولو التمس له التمام للزمه النقصان، كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث؟
وكيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الانشاء؟ لو تعلقت به المعاني لقامت فيه آية المصنوع، ولتحول عن كونه دالا إلى كونه مدلولا عليه، ليس في محال القول حجة، ولا في المسألة عنه جواب، لا إله إلا الله العلي العظيم (2).
26 - من كتاب النزهة قال مولانا الرضا (عليه السلام): من رضي من الله عز وجل بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل، من كثرت محاسنه مدح بها،