الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٥٧
وتقدم بعده جعفر بن علي، فقتله هاني أيضا.
وتعمد خولي بن يزيد الأصبحي عثمان بن علي، وقد قام مقام إخوته، فرماه فصرعه. وشد عليه رجل من بني دارم فاحتز رأسه.
وحملت الجماعة على الحسين (عليه السلام) فغلبوه على عسكره، واشتد به العطش، فركب المسناة يريد الفرات وبين يديه أخوه العباس، فاعترضه خيل ابن سعد لعنه الله وفيهم رجل من بني دارم، فقال لهم: ويلكم حولوا بينه وبين الماء ولا تمكنوه منه. فقال الحسين (عليه السلام): اللهم أضمه. فغضب الدارمي ورماه بسهم فأثبته في حنكه، فانتزع الحسين (عليه السلام) السهم وبسط يديه تحت حنكه فامتلأت راحتاه بالدم فرمى به ثم قال: اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك. ثم رجع إلى مكانه وقد اشتد به العطش.
وأحاط القوم بالعباس فاقتطعوه عنه، فجعل يقاتلهم وحده حتى قتل رحمة الله عليه.
ولما رجع الحسين (عليه السلام) من المسناة إلى فسطاطه تقدم إليه شمر بن ذي الجوشن لعنه الله في جماعة من أصحابه وأحاط به، فأسرع منهم رجل يقال له مالك بن اليسر الكندي فشتم الحسين (عليه السلام) وضربه على رأسه بالسيف، وكان عليه قلنسوة فقطعها حتى وصل إلى رأسه فأدماه، فامتلأت القلنسوة دما، فقال له الحسين (عليه السلام): لا أكلت بيمينك ولا شربت بها وحشرك الله مع الظالمين. ثم ألقى القلنسوة، ودعا بخرقة فشد بها رأسه، واستدعى قلنسوة أخرى فلبسها واعتم عليها. ورجع عنه شمر ومن كان معه إلى مواضعهم.
فمكثوا هنيئة ثم عادوا إليه وأحاطوا به، فخرج إليهم عبد الله بن الحسن بن علي (عليه السلام)، وهو غلام لم يراهق من عند النساء حتى وقف إلى جنب الحسين (عليه السلام)، وأهوى الحر بن كعب إلى الحسين (عليه السلام) بالسيف، فقال له الغلام: ويلك يا بن الخبيثة أتقتل عمي، فضربه بالسيف فاتقاه الغلام بيده فأطنها إلى الجلدة، فنادى الغلام:
يا أمتاه، فأخذه الحسين (عليه السلام) وضمه إليه وقال: يا بن أخي اصبر على ما نزل بك
(٥٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 ... » »»