الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٥٣
ثم قال لهم الحسين (عليه السلام): فإن كنتم في شك من هذا أو تشكون أني ابن بنت نبيكم فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم، ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته، أو مال لكم استهلكته، أو بقصاص من جراحة.
فأخذوا لا يكلمونه.
فنادى: يا شبث بن ربعي، يا حجار بن أبجر، يا قيس بن الأشعث، يا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار واخضر الجنان وإنما تقدم على جند لك مجندة.
فقال له قيس بن الأشعث: ما ندري ما تقول ولكن انزل على حكم بني عمك فإنهم لن يروك إلا ما تحب.
فقال له الحسين (عليه السلام): لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد. ثم نادى: يا عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون، أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.
ثم إنه (عليه السلام) أناخ راحلته، وأمر عطية بن سمعان (1) فعقلها، وأقبلوا يزحفون نحوه، فلما رأى الحر بن يزيد أن القوم قد صمموا على قتال الحسين (عليه السلام) قال لعمر بن سعد: أي عمر أتقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: أي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي.
فأقبل الحر حتى وقف من الناس موقفا، ومعه رجل من قومه يقال له قرة بن قيس، فقال له: يا قرة هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا. قال: فما تريد أن تسقيه؟
قال قرة: فظننت والله أنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال، فكره أن أراه حين يصنع ذلك، فقلت له: لم أسقه وأنا منطلق أسقيه. فاعتزل ذلك المكان الذي كان فيه وأخذ يدنو إلى الحسين (عليه السلام) قليلا قليلا، فقال له المهاجر بن أوس: ما تريد يا بن يزيد، أتريد أن تحمل؟ فلم يجبه وأخذه مثل الأفكل وهي الرعدة.

(1) في الإرشاد: عقبة بن سمعان.
(٥٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 548 549 550 551 552 553 554 555 556 557 558 ... » »»