الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٥٦
قال حميد بن مسلم: فأنا كذلك إذ خرج علينا غلام كأن وجهه شقة قمر وفي يده سيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما، فقال لي عمر بن سعد بن نفيل الأزدي: والله لأشدن عليه فقلت: سبحان الله وما تريد بذلك، دعه يكفيكه الناس. قال: والله لأشدن عليه. فشد عليه فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف ففلقه، ووقع الغلام لوجهه فقال: ياعماه، فجلى الحسين (عليه السلام) كما يجلي الصقر ثم شد شدة ليث اغضب، فضرب عمر بن سعد بن نفيل بالسيف فاتقاها بالساعد، فأطنها من لدن المرفق، فصاح صيحة سمعها أهل العسكر. ثم تنحى عنه الحسين (عليه السلام). وحملت خيل أهل الكوفة لتستنقذه فتوطأته بأرجلها حتى مات.
وانحلت الغيرة فرأيت الحسين (عليه السلام) قائما على رأس الغلام وهو يفحص برجليه، والحسين (عليه السلام) يقول: بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم فيك يوم القيامة جدك.
ثم قال: عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفعك صوت والله كثر واتره وقل ناصره. ثم حمله على صدره، فكأني أنظر إلى رجلي الغلام تخطان الأرض، فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين (عليهما السلام) والقتلى من أهل بيته. فسألت عنه فقيل لي: هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
ثم جلس الحسين (عليه السلام) أمام الفسطاط فاتي بإبنه عبد الله بن الحسين وهو طفل، فأجلسه في حجره، فرماه رجل من بني أسد بسهم فذبحه، فتلقى الحسين (عليه السلام) دمه، فلما ملأ كفه صبه في الأرض ثم قال: رب إن تكن حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء القوم الظالمين.
ثم حمله حتى وضعه مع القتلى من أهله.
ورمى عبد الله بن عقبة أبا بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) فقتله.
فلما رأى العباس بن علي كثرة القتل في أهله قال لإخوته من أمه وهم عبد الله وجعفر وعثمان: يا بني أمي تقدموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله فإنه لا ولد لكم.
فتقدم عبد الله فقاتل قتالا شديدا، واختلف هو وهاني الحضرمي ضربتين، فقتله هاني.
(٥٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 ... » »»