مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيد الله بن زياد لعنه الله. وأمر برؤوس الباقين من أصحابه وأهل بيته فقطعت، فكانت اثنين وسبعين رأسا، وسرح بها مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجاج، فأقبلوا حتى قدموا على ابن زياد لعنه الله.
وأقام عمر بن سعد بقية يومه واليوم الثاني إلى زوال الشمس ثم نادى في الناس بالرحيل، وتوجه إلى الكوفة ومعه بنات الحسين وأخواته ومن كان معه من النساء والصبيان، وعلي بن الحسين فيهم وهو مريض، فأنشد لسان الحال:
لما دنا الوقت لم يخلف له عده * وكل شئ لميقات وميعاد حط القناع فلم تستر مخدرة * ومزقت أوجه تمزيق إيراد حان الوداع فضجت كل صارخة * وصارخ من مفداة ومن فادي سارت حمولهم والنوح يصحبها * كأنها إبل يحدوا بها الحادي كم سال في الحال من دمع وكم حملت * تلك الظعائن من قطعات أكباد ولما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولا بالغاضرية، فصلوا على الحسين وأصحابه، ودفنوا الحسين حيث قبره الآن، ودفنوا علي بن الحسين الأصغر عند رجليه، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صرعوا حوله مما يلي رجلي الحسين (عليه السلام) وجمعوهم فدفنوهم جميعا، ودفنوا العباس بن علي (عليهما السلام) في موضعه الذي قتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن.
فصل ولما وصل رأس الحسين (عليه السلام) ووصل ابن سعد من غد يوم وصوله ومعه بنات الحسين وأهله، قال أبو إسحاق السبيعي، عن حذيم الأسدي، قال: دخلت الكوفة سنة إحدى وستين ورأيت نساء أهل الكوفة يلتدمن قائمات، مهتكات الجيوب، وسمعت عليا - يعني علي بن الحسين (عليهما السلام) - وهو يقول بصوت ضئيل قد أنحله