الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٥٨
واحتسب في ذلك الخير فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين. ثم رفع الحسين يده وقال: اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض الولاة عنهم أبدا فإنهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا.
فحملت الرجالة يمينا وشمالا على من كان بقي مع الحسين (عليه السلام) فقتلوهم حتى لم يبق معه إلا ثلاثة نفر أو أربعة.
فلما رأى الحسين (عليه السلام) ذلك دعا بسراويل يلمع فيها البصر ففزرها ثم لبسها.
فلما قتل (صلى الله عليه وآله) عمد الحر بن كعب لعنه الله إليه فسلبه السراويل وتركه مجردا، وكانت يد الحر بعد ذلك تيبسان في الصيف حتى كأنهما عودان ويرطبان في الشتاء فينضحان دما وقيحا إلى أن أهلكه الله.
فلما لم يبق مع الحسين (عليه السلام) إلا ثلاثة رهط من أهل بيته أقبل على القوم يدفعهم عن نفسه والثلاثة يحمونه حتى قتل الثلاثة، وبقي وحده (صلى الله عليه وآله) وقد أثخن بالجراح في رأسه وبدنه، وجعل يضاربهم بسيفه وهم يتفرقون عنه يمينا وشمالا.
فلما رأى ذلك شمر لعنه الله استدعى الفرسان فصاروا في ظهر الرجالة، وأمر الرماة أن يرموه، فرشقوه بالسهام حتى صار كالقنفذ، فأحجم عنهم، فوقفوا بإزائه، فنادى شمر بن ذي الجوشن لعنه الله الفرسان والرجالة فقال: ويحكم ما تنتظرون بالرجل، ثكلتكم أمهاتكم. فحمل عليه من كل جانب، فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى فقطعها، وضربه آخر منهم على عاتقه فكبا منها لوجهه، وطعنه سنان بن أنس بالرمح فصرعه، وبدر إليه خولي بن يزيد الأصبحي فنزل ليحتز رأسه فأرعد، فقال له شمر: فت الله في عضدك مالك ترعد؟ ونزل شمر إليه فذبحه، ثم دفع رأسه إلى خولي بن يزيد وأمره بحمله إلى عمر بن سعد.
ونادى عمر بن سعد في أصحابه من ينتدب للحسين فيوطئه فرسه. فانتدب عشرة، منهم إسحاق بن حبوه واحينس بن مرثد فداسوا الحسين (عليه السلام) بخيولهم حتى رضوا ظهره.
$ الإمام سيد الشهداء (عليه السلام) / الوقائع المتأخرة عن قتله وسرح عمر بن سعد من يومه ذلك - وهو يوم عاشوراء - برأس الحسين (عليه السلام)
(٥٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 ... » »»