الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٤٥
إلى حائط تلك الدار، فأعاد ابن الأشعث عليه القول: لك الأمان. قال: آمن؟ قال:
نعم. فقال للقوم الذين معه: لي الأمان؟ قال القوم له: نعم، إلا عبد الله (1) بن العباس فإنه قال: لا ناقة لي في هذا ولا جمل، وتنحى. فقال له مسلم: أما والله لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم. واتي ببغلة فحمل عليها، واجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه، فكأنه عند ذلك يئس من نفسه فدمعت عيناه ثم قال: هذا أول الغدر (2).
وأقبل ابن الأشعث بابن عقيل إلى باب القصر، واستأذن فاذن له، فدخل على ابن زياد فأخبره بخبر ابن عقيل وما كان من أمانه له. فقال له عبيد الله: وما أنت والأمان. فسكت ابن الأشعث.
وخرج رسول ابن زياد فأمر بإدخال ابن عقيل، فلما دخل لم يسلم على ابن زياد بالامرة، فقال له بعض الحرس: ألا تسلم على الأمير. فقال: إن كان يريد قتلي فما سلامي عليه، وإن كان لا يريد قتلي ليكثر سلامي عليه. فقال له ابن زياد:
لعمري لتقتلن. قال: دعني أوصي إلى بعض قومي. فنظر مسلم إلى بعض جلساء عبيد الله فيهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، فقال له: يا عمر إن بيني وبينك قرابة ولي إليك حاجة وقد يجب عليك نجح حاجتي، وهي سر.
فامتنع عمر أن يسمع منه، فقال له عبيد الله: لم تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عمك. فقام معه وجلسا حيث ينظر إليهما ابن زياد، فقال له: علي بالكوفة دين استدنته منذ قدمتها سبعمائة درهم فبع سيفي ودرعي واقضها عني، وإذا قتلت فاستوهب جثتي فوارها، وابعث إلى الحسين من يرده.
فقال عمر بن سعد لابن زياد: إنه قال كذا وكذا. فقال ابن زياد: إنه لا يخونك الأمين ولكن قد يؤتمن الخائن، أما ماله فهو لك ولسنا نمنعك منه، وأما جثته فإنا لا نبالي إذا قتلناه ما صنع بها، وأما الحسين فإن هو لم يردنا لم نرده.
ثم أمر به فاصعد فوق القصر فقال: اضربوا عنقه ثم أتبعوه جسده. ودعا

(١) كذا، والصواب: عبيد الله.
(٢) الإرشاد: ص ٢٠٦ - ٢١٤، بحار الأنوار: ج ٤٤ ص ٣٥٢ - 353 باب 37 جزء من ح 2.
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 ... » »»