الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٧٥
خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك.
قال سلمة: فخرج والله بها يهرول هرولة وإنا خلفه نتبع أثره حتى ركز رايته في رضم (1) من حجارة تحت الحصن، فأطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال:
من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. قال اليهودي: علوتم وما انزل على موسى.
فما رجع حتى فتح الله على يديه (2).
وروي عن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: خرجنا مع علي (عليه السلام) حين بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضرب رجل من اليهود فطرح ترس علي (عليه السلام) من يده، فتناول (عليه السلام) بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه، فلم تزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر سبعة معي أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب الباب فما نقلبه (3).
وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال له في دعائه: اللهم قه الحر والبرد. وقال له: خذ الراية - وكانت بيضاء - وامض بها فجبريل معك، والنصر أمامك، والرعب مبثوث في صدور القوم. واعلم يا علي إنهم يجدون في كتبهم أن الذي يدمر عليهم اسمه إليا، فإذا لقيتهم فقل: أنا علي فإنهم يخذلون إن شاء الله.
قال علي (عليه السلام): فمضيت بها حتى أتيت إلى الحصن، فخرج مرحب عليه مغفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب فقلت:
أنا الذي سمتني أمي حيدرة * ليث لغابات شديد قسورة (4) أكيلكم بالسيف كيل السندرة (5)

(١) الرضم: الحجارة المجتمعة.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام: ج ٣ ص ٢١٦.
(٣) السيرة النبوية لابن هشام: ج ٣ ص ٢١٦.
(٤) القسورة: الأسد، والقسورة: الشجاع (لسان العرب ٥ / ٩٢).
(٥) السندرة: مكيال كبير ضخم. ومعنى البيت: أقتلكم قتلا واسعا كبيرا ذريعا (لسان العرب ٤ / 382).
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»