الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٧٤
فقال أبو بكر: أنا ذاك يا رسول الله؟ فقال: لا.
فقال عمر: أنا يا رسول الله؟ فقال: لا.
فأمسك القوم ونظر بعضهم إلى بعض، فقال (عليه السلام): لكنه خاصف النعل، وأومأ إلى علي (عليه السلام)، وأنه المقاتل على التأويل إذا تركت سنتي ونبذت وحرف كتاب الله وتكلم في الدين من ليس له ذلك، فيقاتلهم علي على إحياء دين الله عز وجل (1).
وفي سنة سبع في المحرم كان فتح خيبر، لما دنا النبي (عليه السلام) منها رفع يده وقال:
اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، أسألك خير هذه القرية وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها (2).
ثم نزل (عليه السلام) تحت شجرة من المكان. ثم أقام وحاصرهم بضعا وعشرين ليلة.
وكانت الراية يومئذ لأمير المؤمنين (عليه السلام)، فلحقه رمد أعجزه عن الحرب، فكان الناس يتناوشون واليهود من بين أيدي حصونهم وجنباتها.
فلما كان ذات يوم فتحوا الباب وقد كانوا خندقوا على أنفسهم، وخرج مرحب برجله يتعرض للحرب.
فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر فقال له: خذ الراية، فأخذها في جمع من المهاجرين والأنصار واجتهد فلم يغن شيئا، وعاد يؤنب القوم الذين معه ويؤنبونه.
فلما كان من الغد تعرض لها عمر فسار بها غير بعيد ثم رجع يجبن أصحابه ويجبنونه.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليست هذه الراية لمن حملها.
وقال: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرار.
قال سلمة: فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال له:

(١) الإرشاد للمفيد: ص ٦٥.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب: ج 1 ص 204، الإرشاد للمفيد: ص 65.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»