الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٧٨
فقال أبو سفيان: يا أبا الفضل إن ابن أخيك قد كنف ملكا عظيما.
فقال العباس: ويحك هذه نبوة.
وأقبل العباس وأبو سفيان من أسفل الوادي يركض، فاستقبلته قريش وقالوا له: ما وراءك؟ وما هذا الغبار؟ قال: محمد في خلق كثير، ثم صاح: يا آل غالب البيوت البيوت، من دخل داري فهو آمن. فعرفت هند زوجته فأخذت تطردهم، ثم قالت: اقتلوا الشيخ الخبيث من وافد قوم وطليعة قوم.
فقال لها: ويلك إني رأيت ذات القرون، ورأيت فارس أبناء الكرام، ورأيت ملوك بني كندة وفتيان حمير يسلمون آخر النهار، ويلك اسكتي لقد والله جاء الحق وزهق الباطل وذهبت البلية.
وقد كان عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألا يقتلوا منها إلا من قاتلهم سوى عشرة:
الحويرث بن نفيل بن كعب ومقيس بن صبابة وقرنية (1) المغنية قتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وعبد الله بن خنطل قتله عمار وبريدة أو سعيد بن حبيب المخزومي، وصفوان بن أمية هرب إلى جده فاستأمنه عبد الله بن وهب وأنفد إليه عمامة النبي (عليه السلام) وأسلم، وعكرمة بن أبي جهل هرب إلى اليمن وأسلم، وعبد الله ابن أبي السرج، عرف أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه في دار عثمان فأتى عثمان إلى النبي (صلى الله عليه وآله) شافعا، وسارة مولاة بني عبد المطلب وجدت مقتولة، وهند دخلت دار أبي سفيان، فتكلم أبو سفيان في بيعة النساء وعاونته أم الفضل وقرأت * (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات) * فاقبل منهن البيعة، وقرنبا (2) أفلتت واستؤمن لها فرمحها فرس في إمارة عمر.
وكانت الراية يوم الفتح مع سعد بن عبادة، فغلظ على القوم وأظهر ما في نفسه من الحنق عليهم ودخل وهو يقول:
اليوم يوم الملحمة * اليوم تسبى الحرمة

(1) كذا، وفي البحار (21: 131): وقينتين كانتا تغنيان بهجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله).
(2) كذا، وفي البحار: وقتل علي (عليه السلام) إحدى القينتين وأفلتت الأخرى.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»