الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٧٦
واختلفنا ضربتين، فبدرته فضربته فقددت الحجر والمغفر ورأسه حتى وقع السيف في أضراسه وخر صريعا، فرجع من كان مع مرحب وأغلقوا باب الحصن.
فصار أمير المؤمنين (عليه السلام) إليه فعالجه حتى فتحه، وأكثر الناس من جانب الخندق لم يعبروا معه، فأخذ باب الحصن وجعله على الخندق جسرا لهم حتى عبروا وظفروا بالحصن ونالوا الغنائم، فاستأذن حسان بن ثابت النبي (عليه السلام) أن يقول شعرا، فقال له: قل، فأنشأ يقول:
وكان علي أرمد العين يبتغي * دواء فلما لم يحس مداويا شفاه رسول الله منه بتفلة * فبورك مرقيا وبورك راقيا وقال سأعطي الراية اليوم صارما * كميا محبا للرسول مواليا يحب إلهي والإله له يحبه * به يفتح الله الحصون الأوابيا فأصفى بها دون البرية كلها * عليا وسماه الوزير المؤاخيا (1) [فتح مكة] وتلت هذه الغزاة غزاة الفتح. قيل: كانت لليلتين مضتا من شهر رمضان. وقيل:
لثلاث عشرة خلت منه.
وذلك أنه خرج في نحو من عشرة آلاف رجل: وأربعمائة فارس، وكان نزل:
* (لتدخلن المسجد الحرام... الآية) * (2).
ثم نزل: * (إذا جاء نصر الله والفتح) * (3) إلى آخر السورة، ونزل: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * (4). فعادت الأعين إليها ممتدة والرقاب إليها متطاولة.
ودبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأمر فيها بكتمان مسيره إلى مكة، وستر عزيمته على مراده في أهلها، وسأل الله تعالى أن يطوي خبره عن أهل مكة حتى يبغتهم بدخولها، فكان المؤتمن على هذا السر المودع له من بين الجماعة أمير المؤمنين

(١) الإرشاد: ص ٦٦ - ٦٧.
(٢) الفتح: ٢٧.
(٣) النصر: ١.
(٤) الفتح: ١.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»