الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٧٧
علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكان الشريك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الرأي، ثم نماه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى جماعة من بعد، واستتب الأمر فيه على المراد.
فسار (عليه السلام) حتى نزل من الظهران، فقال العباس (رضي الله عنه): هو والله هلاك قريش إن دخلها عنوة، فركب بغلة النبي (عليه السلام) البيضاء ليطلب الحطابة أو صاحب لبن ليأمره أن يأتي قريش ليركبوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستأمنون إليه، إذ سمع أبا سفيان يقول لحكيم وبديل: ما هذه النيران؟ قالا: هذه خزاعة. فعرف العباس صوت أبي سفيان، فناداه وعرفه الحال، وقال: فما الحيلة؟ قال: تركب على عجز هذه البغلة فأستأمن لك رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فكان يجتاز على نار بعد نار حتى أتى به النبي (عليه السلام) واستأذنه، فقال (عليه السلام):
أدخله. فدخل، فقام بين يديه، فقال له: ويحك يا أبا سفيان أما آن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. فتلجلج لسانه وعلي (عليه السلام) يقصده بسيفه والنبي (صلى الله عليه وآله) محدق بعلي (عليه السلام).
فقال له العباس: يضرب والله عنقك الساعة أو تشهد الشهادتين. فأسلم اضطرارا.
فقال له النبي (عليه السلام): عند من تكون الليلة؟
قال: عند أبي الفضل. فسلمه اليه.
فلما أصبح سمع بلالا يؤذن. قال: ما هذا المنادي؟ ورأى النبي (عليه السلام) وهو يتوضأ وأيدي المسلمين تحت شعره يستشفون بالقطرات، فقال: تالله ما رأيت كاليوم قط.
فلما صلى النبي عليه وآله السلام قال: يا رسول الله أحب أن تأذن لي آتي قومك فأنذرهم وأدعوهم إلى الحق. فأذن له.
فقال العباس: إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فلو خصصته بمعروف. فقال النبي (عليه السلام): من دخل دار أبي سفيان كان آمنا، ثم قال: من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل البيت فهو آمن.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»