الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٧٣
فقال: والذي بعثك بالحق ما استطعت أن أمضي رعبا.
فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) فأرسله بالروايا، وخرج السقاة وهم لا يشكون في رجوعه لما رأوه من جزع ممن تقدمه. فخرج علي (عليه السلام) بالروايا حتى ورد الخرار (1) فاستقى، ثم أقبل إلى النبي (عليه السلام) فلها زجل (2)، فكبر النبي (صلى الله عليه وآله) ودعا له بخير (3).
وفي هذه الغزاة أقبل سهيل بن عمرو إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: يا محمد إن أرقاءنا لحقوا بك فارددهم علينا.
فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى تبين الغضب في وجهه ثم قال: لتنتهن يا معشر قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلا امتحن الله قلبه للإيمان يضرب رقابكم على الدين.
قال بعض من حضر: يا رسول الله أبو بكر ذلك الرجل؟ قال: لا.
قيل: فعمر؟ قال: لا، ولكنه خاصف النعل في الحجرة. فبادر الناس إلى الحجرة ينظرون إلى الرجل فإذا هو أمير المؤمنين (عليه السلام) (4).
وقد روى هذا الخبر جماعة عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وقالوا: إن عليا (عليه السلام) قص هذه القصة ثم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (5).
وكان الذي أصلحه أمير المؤمنين (عليه السلام) من نعل النبي (صلى الله عليه وآله) شسعها، فإنه كان قد انقطع فخصف موضعه وأصلحه.
وقيل: انقطع شسع نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدفعها إلى علي (عليه السلام) يصلحها، ثم مشى في نعل واحدة غلوة أو نحوها، وأقبل على أصحابه ثم قال: إن منكم من يقاتل على التأويل كما قاتل معي على التنزيل.

(١) الخرار: موضع قرب الجحفة (لسان العرب ٤ / ٢٣٤).
(٢) الزجل بالتحريك: اللعب والحلبة ورفع الصوت (لسان العرب ١١ / 302).
(3) الإرشاد للمفيد: ص 64.
(4) الإرشاد للمفيد: ص 64.
(5) الإرشاد للمفيد: ص 64.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»