الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٧٢
فقالوا: آته. فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) وسمع منه مثل مقاله لبديل، ورأى تعظيم الصحابة له (صلى الله عليه وآله) فلما رجع قال: أي قوم والله لقد وفدت على قيصر وكسرى والنجاشي فلم أر قط ملكا تعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا، يقتتلون على وضوئه ويتبادرون لأمره ويخفضون أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وأنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوه.
فقال رجل من كنانة: آته. فلما أشرف عليهم قال النبي (عليه السلام): هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها. فبعثت، واستقبل القوم يلبون، فلما رأى ذلك قال:
سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت.
ثم جاء مكرز بن حفص فجعل يكلم النبي (صلى الله عليه وآله)، إذ جاء سهل بن عمرو فقال النبي (عليه السلام): قد سهل عليكم أمركم. فجلس وضرع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في الصلح، ونزل عليه الوحي بالإجابة إلى ذلك وأن يكتب علي (عليه السلام).
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اكتب بسم الله الرحمن الرحيم... القصة.
ثم كتب: باسمك اللهم، واصطلحا على وضع الحرب عن الناس سبع سنين، يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض، ويأمن المحتازون من الفريقين (1).
ولما تم الصلح نحر رسول الله (صلى الله عليه وآله) هديه في مكانه.
ولما نزل النبي (صلى الله عليه وآله) في هذه النوبة الجحفة فلم يجد بها ماء، فبعث سعد بن مالك في الروايا (2) حتى إذا كان غير بعيد رجع سعد بالروايا فقال: يا رسول الله ما أستطيع أن أمضي لقد وقفت قدماي رعبا من القوم.
فقال له النبي (عليه السلام): اجلس.
ثم بعث رجلا آخر فخرج بالروايا حتى إذا كان بالمكان الذي انتهى إليه الأول رجع، فقال له النبي (عليه السلام)، لم رجعت؟

(١) المناقب لابن شهرآشوب: ج ١ ص ٢٠٢ - ٢٠٣. في الأصل، المختارون.
(٢) الراوية: المزادة فيها الماء، ويسمى البعير راوية على تسمية الشئ باسم غيره لقربه منه (لسان العرب ١٤ / 346).
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»