ربهم، وشدة سلطانه ما طاشت له قلوبهم، وذهلت منه عقولهم، فإذا استقاموا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال الزاكية، لا يرضون له بالقليل، ولا يستكثرون الجزيل، فهم لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون، ترى لأحدهم قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين، وحرصا على علم، وفهما في فقه، وعلما في حلم، وكيسا في قصد، وقصدا في غنى، وتحملا في فاقه، وصبرا في شدة، وخشوعا في عبادة، ورحمة لمجهود (1)، واعطاء في حق، ورفقا في كسب، وطلبا في حلال، وتعففا في طمع، وطمعا في غير طبع، ونشاطا في هدى، واعتصاما في شهوة، وبرا في استقامة، لا يغره ما جهله، لا يدع إحصاء ما عمله، يستبطي نفسه في العمل وهو من صالح عمله على وجل، يصبح وشغله الذكر، ويمسي وهمه الشكر، يبيت حذرا من سنة الغفلة، ويصبح فرحا بما أصاب من الفضل والرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤالها مما إليه تشره، رغبة فيما يبقى، وزهادة فيما يفنى، قد قرن العمل بالعلم (والعلم) (2) بالحلم، يظل دائما نشاطه، بعيدا كسله، قريبا أمله، قليلا زلله، متوقعا أجله، خاشعا قلبه، ذاكرا ربه، قانعة نفسه، عازبا جهله، محرزا دينه، ميتا داؤه، كاظما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره، سهلا أمره، معدوما كبره (3)، بينا صبره، كثيرا ذكره، لا يعمل شيئا من الخير رياء ولا يتركه حياء، أولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا ومعنا، آها شوقا إليهم.
في الحكم والأمثال...
فصاح همام صيحة ووقع مغشي عليه، فحركوه فإذا هو (ميت) (4) قد فارق الدنيا