مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٢٧٣
ما لم يكن ليدركه، ولو أنه فكر لأبصر ولعلم أنه مدبر، واقتصر على ما تيسر ولم يتعرض لما تعسر، واستراح قلبه مما استوعر، فبأي هذين أفني عمري، فكونوا أقل ما تكونون في الباطن أموالا، أحسن ما تكونون في الظاهر أحوالا، فإن الله تعالى أدب عباده المؤمنين أدبا حسنا فقال جل من قائل: * (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس إلحافا) * (1) (2).
وقال (عليه السلام): لا تكون غنيا حتى تكون عفيفا، ولا تكون زاهدا حتى تكون متواضعا، ولا (تكون حليما حتى) (3) تكون وقورا، ولا يسلم لك قلبك حتى تحب للمؤمنين ما تحب لنفسك، وكفى بالمرء جهلا أن يرتكب ما نهى عنه، وكفى به عقلا أن يسلم الناس من شره، فأعرض عن الجهل وأهله، وأكفف عن الناس ما تحب أن يكف عنك، وأكرم من صافاك، وأحسن مجاورة من جاورك، وألن جانبك، وأكفف الأذى، وأصفح عن سوء الأخلاق، ولتكن يدك العليا إن استطعت، ووطن نفسك على الصبر على ما أصابك، وألهم نفسك القنوع، واتهم الرجاء وأكثر الدعاء، تسلم من سورة الشيطان، ولا تنافس على الدنيا (4)، ولا تتبع الهوى، وتوسط في الهمة تسلم ممن يتبع عثراتك، ولا تك صادقا حتى تكتم بعض ما تعلم، احلم عن السفيه يكثر أنصارك عليه، عليك بالشيم العالية تقهر من

١ - البقرة ٢: 273.
2 - احياء علوم الدين 4: 584، وكذا: 215، الفصول المهمة: 115.
3 - أثبتناه من نسخة (م).
4 - في نسخة (ع): الدعاء، وما أثبتناه من نسخة (م).
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»