مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٢٥٨
وفناء قريب كل مدة فيها إلى منتهى وكل حي بها إلى مقاربة البلى. أليس لكم في آثار الأولين وآبائكم الماضين معتبر وتبصرة إن كنتم تعقلون!
ألم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون وإلى الخلف الباقين منكم لا يبقون!
أولستم ترون أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى!
ميت يبكى وآخر يعزى وصريع مبتلى وعائد يعود ودنف بنفسه يجود وطالب والموت يطلبه وغافل وليس بمغفول عنه على أثر الماضي ويمضي الباقي وإلى الله عاقبة الأمور (1).
وقال (عليه السلام): انظروا إلى الدنيا نظر الزاهدين فيها فإنها عن قليل تزيل الساكن وتفجع المترف، فلا تغرنكم كثرة ما يعجبكم فيها لقلة ما يصحبكم منها، فرحم الله امرءا تفكر واعتبر وابصر أدبار ما قد أدبر وحضور ما قد حضر (2) فكان ما هو كائن من الدنيا، عن قليل لم يكن وكان ما هو كائن من الآخرة لم يزل وكلما هو آت قريب.
فكم من مؤمل (ما) (3) لا يدركه وجامع ما لا يأكله ومانع ما (لا) (5) يتركه ولعله من باطل جمعه أو حق منعه أصابه حراما وورثه عدوانا فاحتمل ما ضره وباء بوزره وقدم على ربه آسفا لاهفا خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين (4).

١ - شرح نهج البلاغة ٧: ٨٠ / ٩٨، روضة الواعظين: ٤٤٤.
٢ - في نسخة (ع): احضر.
٣، ٥ - ليس في (م).
٤ - دستور معالم الحكم: ٤٤، شرح نهج البلاغة ٧: ١٠٥ / 102، الفصول المهمة: 115.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»