مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٢٤٧
أجلب للمرؤة (1) وآنفا للحسد، كم من باك على الدنيا طال بكاؤه منها، وكم من مصلح لها بافساد نفسه لها، وكم من مستبق لها إنما جعل نفسه مستباحة لها، وكم من عاجز عن نفسه بالقوة بغيره، المجانبة تجلب المعاندة، وطول الصمت خير من مماراة الجاهل، والقطيعة خير من مواصلة أهل الشر، وبالعلم تنكشف هذه الأشياء.
وقال (عليه السلام): إن أبغض الخلائق إلى الله تعالى رجلان، رجل وكله الله تعالى إلى نفسه، فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن الهدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد مماته، حمال خطايا غيره رهن بخطيئته، ورجل قمش جهلا، موضع في جهال الأمة، عاد في أغباش الفتنة عما في عقد الهدنة، قد سماه أشباه الناس عالما وليس به بكر، فاستكثر من جمع ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن وأكثر من غير طائل، جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا رثا من رأيه ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت، ولا يدري هل أصاب أم أخطأ؟ إن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب، جاهل خباط جهالات، غاش ركاب عشوات، لم يعض على العلم بضرس قاطع، يذري الروايات إذراء الريح الهشيم (2)، تصرخ من جور قضائه الدماء، وتعج منه المواريث إلى الله تعالى، من معشر يعيشون جهالا ويموتون ضلالا، وليس فيهم

1 - في نسخة (م): للمودة.
2 - في شرح النهج زيادة: (لا ملى والله باصدار ما ورد عليه، ولا هو أهل لما فوض إليه، لا يحسب العلم في شئ مما أنكره، ولا يرى إن من وراء ما بلغ مذهبا لغيره وإن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه).
(٢٤٧)
مفاتيح البحث: الضلال (2)، الجهل (4)، الصمت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»