قرب من النار، فهي دار عقوبة وزوال وفناء وبلاء، نورها ظلمة وعيشها كدر وغنيها فقير وصحيحها سقيم وعزيزها ذليل، فكل منعم برغدها شقى وكل مغرور بزينتها مفتون، وعند كشف الغطاء يعظم الندم ويخمد الصدر أو يذم.
وقال (عليه السلام): يأتي على الناس زمان لا يعرف فيه إلا الماحل ولا يطرف فيه إلا الفاجر ولا يؤتمن (فيه) (1) إلا الخائن ولا يخون إلا المؤتمن، يتخذون الفئ مغنما والصدقة مغرما وصلة الرحم منا والعبادة استطالة على الناس وتعديا، وذلك يكون عند سلطان النساء ومشاورة الإماء وإمارة الصبيان (2).
وقال (عليه السلام): إحذروا الدنيا إذا أمات الناس الصلاة وأضاعوا الأمانات واتبعوا الشهوات واستحلوا الكذب وأكلوا الربا وأخذوا الرشا وشيدوا البناء واتبعوا الهوى وباعوا الدين بالدنيا واستخفوا بالدماء وركنوا إلى الرياء وتقاطعت الأرحام، وكان الحلم ضعفا والظلم فخرا والأمراء فجرة والوزراء كذبة والأمناء خونة والأعوان ظلمة والقراء فسقة، وظهور الجور وكثرة الطلاق وموت الفجأة وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وطولت المنابر ونقضت العهود وحزنت القلوب واستحلوا المعارف وشربت الخمور وركبت الذكور واشتغل النساء بالنساء وشاركن أزواجهن في التجارة حرصا على الدنيا وعلت الفروج السروج وتشبهن بالرجال، فحينئذ عدوا أنفسكم في الموتى، ولا تغرنكم الحياة الدنيا.
ألا فإن الناس اثنان: بر تقي وآخر شقي، والدار داران لا ثالث لهما والكتاب واحد لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ألا وحب الدنيا رأس كل خطيئة