فهم عنها! مسجد أحبائه ومصلى (1) أنبيائه ومهبط ملائكته ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الطاعة وربحوا منها الجنة فمن ذا يذمها وقد أذنت بانتهائها ونادت بانقضائها وأنذرت ببلائها، فإن راحت بفجعة فقد غدت بمبتغى، وإن اغضرت بمكروه فقد أسفرت بمشتهى، ذمها رجال يوم الندامة ومدحها آخرون، حدثتهم فصدقوا وذكرتهم فذكروا، فيا أيها الذام لها المعني بغرورها متى غرتك!
أم متى استندمت (2) إليك بمصادع آبائك في البلى!
أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى!
كم عللت بدنك ومرضت وأذاقتك شهدا أو صبرا!
فإن ذممتها لصبرها فامدحها لشهدها وإلا فاطرحها لا مدح ولا ذم، قد مثلت لك نفسك حتى ما يغني عنك بكاؤك ولا يرحمك أخاك (3).
وقال (عليه السلام): إن الدنيا قد أدبرت وأذنت بوداع، وإن الآخرة قد أقبلت وأذنت باطلاع، ألا وإن المضمار اليوم والسباق غدا، ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار، الا وانكم في أيام مهل من ورائه يحثه عجل، فمن عمل في أيام مهلة قبل حضور (4) أجله (نفعه عمله ولم يضره أجله، ومن لم يعمل أيام مهله قبل حضور أجله) (5)