مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٢٥٢
وقال (عليه السلام): على العاقل أن لا يكون شغله إلا في ثلاث خصال: إما تزود لمعاده، أو مرمة لمعاشه، أو لذة في غير محرم، وأغلا الأشياء أصلا وأحلاها ثمرة صالح الأعمال، وحسن الأدب، وعقل مستعمل، رويدك لا تشهر ووار شخصك لا يذكر، وتعلم تعلم، واصمت تسلم، ولا عليك إذا عرفك الله دينه أن لا تعرف الناس ولا يعرفوك (1).
النوع الثاني: في صفة الدنيا والتحذر منها.
قال (عليه السلام): أحذركم الدنيا، فإنها خضرة حلوة حفت بالشهوات، وتحببت بالعاجلة وعمرت بالآمال وتزينت بالغرور، لا تؤمن فجعتها ولا يدوم خيرها، ضرارة غدارة غرارة زائلة بائدة أكالة غوالة، لا تعدو إذا تناهت إلى أمنية أهل الرضا بها والرغبة فيها أن تكون فيها كما قال الله تعالى: * (كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح) * (2) على أن امرؤ لم يكن فيها في حبرة إلا أعقبته بعدها عبرة، ولم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا، ولم تنله فيها ديمة رخاء إلا هتنت عليه مزنة بلاء، وحري إذا أصبحت له منتصرة أن تسمى له متنكرة، وإن جانب منها اعذوذب واحلولى لأمر منه جانب فأوبى، وإن لقى أمرء من غضارتها رغبا زودته من نوائبها تعبا، ولم يمس امرء منها في جناح أمن إلا أصبح في خوافي خوف، غرور فانية فإن من عليها، من أقل منها استكثر مما يؤمنه، ومن استكثر منها لم يدم له وزال عما قليل عنه، كم من واثق بها قد فجعته وذي طمأنينة إليها صرعته وذي خدع قد خدعته

١ - عيون الأخبار ١: ٣٩٣، شرح نهج البلاغة ١٩: ٣٣٨ / ٣٩٦.
٢ - الكهف ١٨: 45.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»