مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٥٥
نفي الصفات المحدثة عنه فمن وصفه بحادث فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزاه ومن جزاه فقد جهله [ومن جهله فقد أشار إليه] (1) ومن أشار إليه فقد حده ومن حده فقد عده، ومن قال فيم فقد ضمنه، ومن قال علام فقد أخلى منه، كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شئ لا بمقارنة، غير كل شئ لا بمفارقة، ومزايلة فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده.
أنشأ الخلق إنشاء وابتدأه ابتداء، بلا رؤية أجالها ولا تجربة استفادها ولا حركة أحدثها ولا همامة نفس اضطرب فيها، أحال الأشياء لأوقاتها ولاءم بين مختلفاتها وغرز غرائزها وألزمها أشباحها عالما بها قبل ابتدائها محيطا بحدودها وانتهائها عارفا بأرجائها وأنحائها.
ثم أنشأ سحابا فتق الأجواء وشق الأرجاء ورافق الهواء فأجاز فيه ماء متلاطما تياره متراكما زحاره حمله على متن الريح العاصفة والزعزع القاصفة فأمرها برده وسلطها على شده وقربها إلى حده، الهواء من تحتها فتيق والماء من فوقها دفيق.
ثم إنشاء سبحانه وتعالى ريحا أعتقهم مهبها وأدام مربها وأعصف مجراها وأبعد منشاها فأمرها بتصفيق الماء الزخار وإثارة موج البحار فمخضته مخض السقاء وعصفت به عصفها بالفضاء ترد أوله على آخره وصياحه (2) على مائره حتى عب عبابه ورمى بالزبد ركامه فرفعه في هواء منفتق وجو منفهق فسوى منه

1 - أثبتناه من المصدر.
2 - في نسخة (م): وسباحبه، وفي النهج: وساجيه.
(١٥٥)
مفاتيح البحث: الجهل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»