مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٥٢
حصول ذلك الرجاء عند تلك الرؤية، وذلك السماع ليس باختيار (ذلك) (1) الانسان أصلا بل هو حاصل سواء أراد الإنسان حصوله أو لم يرد فإذا حصل ذلك الرجاء له ولهه الطمع شاء أو أبى وإذا حصل الطمع أهلكه الحرص شاء أو أبى وهذا برهان قاطع على أن أفعال العباد مترتبة على ما في القلوب من الدواعي والصوارف (وأن تلك الدواعي والصوارف) (2) ترتيب بعضها على بعض ترتيبا اضطراريا لا اختياريا وذلك يحقق القول بالقضاء والقدر.
فما أشرف كلام أمير المؤمنين في هذه المسألة وما أمتنه وأحسنه وأما قوله (عليه السلام): (فإنه أمر بين الأمرين لا جبر ولا تفويض) فشرحه وإيضاحه هو: إن الجبر أن يجري الشئ على خلاف إرادته وهاهنا فعل الإنسان محدث على وفق إرادته فلا يكون جبرا ثم إن حدوث تلك الإرادة في قلب الإنسان ليس من الإنسان وإلا افتقر إلى إرادة أخرى ولزم التسلسل وهو محال فلابد لها من محدث غير الإنسان وهو الله تعالى وإذا كان كذلك فيلزم أنه لا جبر ولا تفويض، فوضح أن زبدة كلام المتكلمين وحاصل أفكار العقلاء ليس إلا ما أدرجه أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الألفاظ المختصرة الموجزة.
ومنه: ما نقل عنه (عليه السلام) أنه سأله إنسان يوما عن التوحيد والعدل فقال له في جوابه: (أن لا تتوهمه والعدل أن لا تتهمه) (3) وهاتان اللفظتان مع جزالتهما

١ - ليس في (م).
٢ - أثبتناه من نسخة (م).
٣ - شرح نهج البلاغة ٢٠: ٢٢٧ / ٤٧٩، متشابه القرآن ١: ١٠٥، روضة الواعظين: ٣٩٠، الطراز 2: 251، مفردات الأصبهاني: 49.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»