فهذه الكلمات اليسيرة مع جزالتها واختصارها متضمنة من تمهيد قواعد التوحيد وتسديد عقائد التمجيد (1) جمل أدلة ما على إنتاجها من مزيد.
وسئل يوما عن الذكر فقال (عليه السلام): (الذكر بين ذكرين والإسلام بين سيفين والذنب بين فرضين) (2) ومعنى ذلك أن العبد لا يقدر على ذكر الله تعالى ما لم يذكره الله بتوفيقه لذلك الذكر فإذا ذكر العبد الله تعالى، ذكره الله تعالى بالمغفرة فصار ذكر العبد بين ذكرين من الله، ومعنى الثاني أن الكافر يقاتل بالسيف حتى يسلم فإذا أسلم فأراد أن يرجع عن الإسلام خوف بالسيف فصار الإسلام بين سيفين، ومعنى الثالث أن العبد قد فرض عليه أنه لا يذنب فإذا أذنب فرض عليه أن يتوب فكان الذنب بين فرضين، فانظر إلى جزالة هذه الدلالة على علمه بالقواعد الأصولية.
ومنه: قوله في تمجيد الله تبارك وتعالى وتحميده وتوحيده: (هو الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعماءه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن، ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود ولا وقت معدود ولا أجل ممدود، فطر الخلائق بقدرته ونشر الرياح برحمته ووتد بالصخور ميدان أرضه، أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به [وكمال التصديق به] (3) توحيده وكمال توحيده الإخلاص له وكمال الإخلاص له