مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٥٠
فانتسابهم إليه ظاهر، وأما الخوارج فكان رؤساؤهم وأكابرهم تلامذة له، وإذا كانت أكابر المتكلمين وأئمة الأصول ينتسبون إليه فكفى ذلك دلالة على علمه بالأصول والذي يشرح هذا القول ويوضحه أن المطلب الأقصى من الأصول علم التوحيد والعلم بالقضاء والقدر والعلم بالنبوة والعلم بالمعاد والبعث وأحوال الآخرة، وقد ذكر (عليه السلام) في كلامه ومواعظه وخطبه من هذه العلوم ما يشهد بكمال معرفته ومتانة إحاطته بعلوم الدين، وها أنا الآن أذكر شيئا من كلامه في ذلك لأقيم به على ثبوت هذه المقالة برهانا ولينقاد به ذوو الجهالة إذعانا وليستفاد بإيراده ما يطلق به لسانا ويحقق بيانا ويزداد الذين آمنوا إيمانا.
فمنه: ما نقله الإمام البيهقي بإسناده عن الشافعي عن يحيى بن سليم عن الإمام جعفر بن محمد عن عبد الله بن جعفر (رض) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (أعجب ما في الإنسان قلبه فيه مواد من الحكمة وأضداد لها من خلافها فإن سنح له الرجاء ولهه الطمع وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص وإن ملكه اليأس قتله الأسف وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ وإن أسعده بالرضاء نسي التحفظ وإن ناله الخوف شغله الحزن وإن أصابته المصيبة قصمه الجزع وإن وجد مالا أطغاه الغنى وإن عضته فاقه شغله البلا وإن أجهده الجوع قعد به الضعف وإن أفرط به الشبع كظته البطنة فكل تقصير به مضر وكل إفراط له مفسد).
فقام إليه رجل ممن شهد معه وقعة الجمل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر.
فقال: (بحر عميق فلا تلجه).
فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر؟
فقال: (بيت مظلم فلا تدخله).
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»