وقال يوسف لهم: كان اخوان من أبيكم فما فعلا؟ قالوا: اما الكبير منهما فان الذئب اكله، واما الأصغر فخلفناه عند أبيه، وهو به ضنين وعليه شفيق. قال: إني أحب ان تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتاروا، ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم فيها ﴿قالوا: يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا﴾ (١) فلما احتاجوا إلى الميرة بعد ستة أشهر بعثهم، وبعث معهم ابن يامين ببضاعة يسيرة، فاخذ عليهم ﴿موثقا من الله لتأتنني به﴾ (٢) فانطلقوا مع الرفاق حتى دخلوا على يوسف، فهيا لهم طعاما وقال: ليجلس كل بنى أم على مائدة، فجلسوا وبقى ابن يامين قائما، فقال له يوسف: ما لك لم تجلس؟ فقال: ليس لي فيهم ابن أم، فقال يوسف: فما لك ابن أم؟ قال: بلى زعم هؤلاء ان الذئب اكله.
قال: فما بلغ من حزنك عليه؟ قال: ولد لي أحد عشر ابنا لكلهم اشتق اسما من اسمه، فقال: أراك قد عانقت النساء وشممت الولد من بعده، فقال: ان لي أبا صالحا قال لي: تزوج لعل الله ان يخرج منك ذريه تثقل الأرض بالتسبيح، قال يوسف: فاجلس معي على مائدتي، فقال اخوه يوسف: لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته، و قال لابن يامين: إني انا أخوك فلا تبتئس بما تراني افعل واكتم ما أخبرتك، ولا تحزن ولا تخف.
ثم أخرجه إليهم وامر فتيته ان يأخذوا بضاعتهم ويعجلوا لهم الكيل، فإذا فرغوا جعلوا (٣) المكيال في رحل أخيه ابن يامين، ففعلوا ذلك وارتحل القوم مع الرفقة، فمضوا و لحقهم فتية يوسف، فنادوا ﴿أيتها العير انكم لسارقون﴾ (٤) قالوا: (ما ذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك... قالوا: (وما كنا سارقين قالوا فما جزاؤه ان كنتم كاذبين) قالوا: (جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) (فبدا بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه) ﴿قالوا ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل﴾ (5) ثم (قالوا يا أيها العزيز ان له أبا