قصص الأنبياء - الراوندي - الصفحة ١٢٦
من أهل الإسكندرية، وأمه عجوز من عجائزهم، ليس لها ولد غيره يقال له: اسكندروس، وكان له أدب وخلق وعفة من وقت صباه إلى أن بلغ رجلا، وكان رأى في المنام انه دنى من الشمس فاخذ بقرنها في شرقها وغربها فلما قص رؤياه على قومه سموه ذا القرنين، فلما رأى هذه الرؤية بعدت همته وعلا صوته وعز في قومه.
فكان أول ما اجتمع عليه امره ان قال: أسلمت لله عز وجل، ثم دعا قومه إلى الاسلام، فأسلموا هيبة له، وانطلق ذو القرنين حتى أمعن في البلاد يؤم المغرب حتى انتهى إلى الجبل الذي هو محيط بالأرض: فإذا هو بملك قابض على الجبل، وهو يقول: " سبحان ربي من أول الدنيا إلى آخرها، سبحان ربي من موضع كفى إلى عرش ربي، سبحان ربي من منتهى الظلمة إلى النور "، فلما سمع ذلك ذو القرنين خر ساجدا، فلما رفع رأسه قال له الملك: كيف قويت يا بن آدم على مبلغ هذا الموضع؟ ولم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك قال: قواني الله على ذلك.
فقال الملك: إني موكل بهذا الجبل، ولولا هذا الجبل لانكفأت الأرض باهلها، رأس هذا الجبل ملتصق بسماء الدنيا، وأسفله في الأرض السابعة السفلى، وهو محيط بها كالحلقة، و ليس على وجه الأرض مدينه الا ولها عرق إلى هذا الجبل، فإذا أراد الله تعالى ان يزلزل مدينه أوحى إلى فحركت العرق الذي إليها.
فلما أراد ذو القرنين الرجوع قال: للملك أوصني قال: لا يهمنك رزق غد، ولا تؤخر عمل اليوم لغد، ولا تحزن على ما فاتك، وعليك بالرفق، ولا تكن جبارا متكبرا.
ثم إن ذا القرنين عطف على أصحابه، ثم عطف بهم نحو المشرق يستقري ما بينه وبين المشرق من الأمم، فيفعل بهم مثل ما فعل بأمم المغرب من العدل، فبينما هو يسير إذ وقع على الأمة المحاكمة من قوم موسى صلوات الله عليه الذين يهدون بالحق وبه يعدلون، فوجد أمه عادله فقال لهم: أخبروني إني درت الدنيا فلم أر مثلكم ما بال قبور موتاكم على أبواب بيوتكم؟
قالوا: لئلا ننسى الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا قال: فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب؟
قالوا: ليس فينا متهم ولا ظنين ولا لص، وليس فينا الا امين.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف مقدمة التحقيق الباب الأول: في ذكر خلق آدم عليه السلام و حوا عليها السلام 38
2 الباب الثاني: في نبوة إدريس و نوح عليهما السلام 77
3 الباب الثالث: في ذكر هود و صالح عليهما السلام 92
4 في حديث إرم ذات العماد 97
5 الباب الرابع: في نبوة إبراهيم عليه السلام 107
6 الباب الخامس: في ذكر لوط و ذي القرنين عليهما السلام 120
7 الباب السادس: في نبوة يعقوب و يوسف عليهما السلام 129
8 الباب السابع: في ذكر أيوب و شعيب عليهما السلام 142
9 الباب الثامن: في نبوة موسى بن عمران صلوات الله عليه 151
10 في حديث موسى و العالم 159
11 في حدث البقرة 162
12 في مناجاة موسى 163
13 في حديث حزبيل لما طلبه فرعون 169
14 في تسع آيات موسى 170
15 في حديث بعلم بن باعورا 176
16 في وفاة هارون وموسى 178
17 في خروج صفراء على يوشع بن نون 179
18 الباب التاسع: في بني إسرائيل. 180
19 الباب العاشر: في نبوة إسماعيل و حديث لقمان 191
20 الباب الحادي عشر: في نبوة داود عليه السلام 201
21 الباب الثاني عشر: في نبوة سليمان عليه السلام و ملكه 211
22 الباب الثالث عشر: في أحوال ذي الكفل و عمران عليهما السلام 214
23 الباب الرابع عشر: في حديث زكريا و يحيى عليهما السلام 218
24 الباب الخامس عشر: في نبوة إرميا و دانيال عليهما السلام 223
25 في علامات خسوف الشمس في الاثني عشر شهرا 235
26 في علامات خسوف القمر طول السنة 236
27 الباب السادس عشر: في حديث جرجيس و عزيز و حزقيل و إليا: 238
28 الباب السابع عشر: في ذكر شيعا و أصحاب الأخدود و الياس و اليسع و يونس و أصحاب الكهف و الرقيم عليهم السلام 244
29 الباب الثامن عشر: في نبوة عيسى و ما كان في زمانه و مولده و نبوته 263
30 الباب التاسع عشر: في الدلائل على نبوة محمد صلى الله عليه و آله من المعجزات و غيرها 280
31 الباب العشرون: في أحوال محمد صلى الله عليه و آله 314
32 في مغازيه 336