على أن أولياء الامام وشيعته منتفعون به في حال غيبته، لأنهم مع علمهم بوجوده بينهم، وقطعهم بوجوب طاعته عليهم، لابد أن يخافوه في ارتكاب القبيح، ويرهبوا من تأديبه وانتقامه ومؤاخذته فيكثر منهم فعل الواجب، ويقل ارتكاب القبيح (1)، أو يكونوا إلى ذلك أقرب، فيحصل لهم اللطف به مع غيبته، بل ربما كانت الغيبة في هذا الباب أقوى، لان المكلف إذا لم يعرف مكانه، ولم يقف على موضعه، وجوز فيمن لا يعرفه أنه الامام، يكون إلى فعل الواجب أقرب منه إلى ذلك لو عرفه ولم يجوز فيه كونه إماما.
فإن قالوا: إن هذا تصريح منكم بان ظهور الإمام كاستتاره في الانتفاع به والخوف منه.
فنقول: إن ظهوره لا يجوز أن يكون في المنافع كاستتاره، وكيف يكون ذلك وفي ظهوره وقوة سلطانه انتفاع الولي والعدو، والمحب والمبغض، ولا ينتفع به في حال الغيبة إلا وليه دون عدوه، وأيضا فإن في انبساط يده منافع كثيرة لأوليائه وغيرهم، لأنه يحمي حوزتهم " ويسد ثغورهم، ويؤمن طرقهم، فيتمكنون من التجارات والمغانم، ويمنع الظالمين من ظلمهم، فتتوفر أموالهم، وتصلح أحوالهم.
غير أن هذه منافع دنيوية لا يجب إذا فاتت بالغيبة أن يسقط التكليف معها، والمنافع الدينية الواجبة في كل حالة بالإمامة قد بينا أنها ثابتة لأوليائه مع الغيبة، فلا يجب سقوط التكليف مسألة سادسة: قالوا: لا يمكن أن يكون في العالم بشر له من السن ما تصفونه لإمامكم، وهو مع ذلك كامل العقل، صحيح الحس؟ وأكثروا التعجب من ذلك، وشنعوا به علينا.