ونصوصه، وأقوال الأئمة الصادقين عليهم السلام، وقد بينوا ذلك وأوضحوه، غير أن ذلك وإن كان على ما قلناه فالحاجة إلى الامام مع ذلك ثابتة، لان جهة الحاجة إليه - المستمرة في كل عصر وعلى كل حال - هي كونه لطفا في فعل الواجب العقلي من الانصاف والعدل واجتناب الظلم والبغي، وهذا مما لا يقوم غيره مقامه فيه.
فأما الحاجة إليه من جهة الشرع فهي أيضا ظاهرة، لان النقل الوارد عن النبي والأئمة عليهم السلام يجوز أن يعدل الناقلون عن ذلك إما بتعمد أو شبهة فينقطع النقل أو يبقى فيمن ليس نقله حجة ولا دليلا، فيحتاج حينئذ إلى الامام ليكشف ذلك ويبينه (1)، وإنما يثق المكلفون بما نقل إليهم وأنه جميع الشرع إذا علموا أن وراء هذا النقل إماما متى اختل سد خلله وبين المشتبه فيه.
فالحاجة إلى الامام ثابتة مع إدراك الحق في أحوال الغيبة من الأدلة الشرعية، على أنا إذا علمنا بالاجماع أن التكليف لازم لنا إلى يوم القيامة ولا يسقط بحال، علمنا أن النقل ببعض الشريعة لا ينقطع في حال تكون تقية الامام فيها مستمرة، وخوفه من الأعداء باقيا، ولو اتفق ذلك لما كان إلا في حال يتمكن فيها الامام من البروز والظهور، والاعلام والانذار.
مسألة خامسة: فان قالوا: إذا كانت العلة في غيبة الامام خوفه من الظالمين واتقاء من المخالفين فهذه العلة منتفية عن أوليائه فيجب أن يكون ظاهرا لهم أو يجب أن يسقط عنهم التكليف الذي إمامته لطف فيه.
الجواب: قد أجاب أصحابنا عن هذا السؤال بأجوبة:
أحدها: أن الامام ليس في تقية من أوليائه وإن غاب عنهم كغيبته من